رواية قبل نهاية الطريق (الجزء الحادي عشر)

رواية قبل نهاية الطريق (الجزء الحادي عشر)

كان أحمد يجلس شارداً منذ أن رآها وهو في توتر خاصةً وهو يبحث عنها بعينه في كل أنحاء القاعة ولم يجدها.
كان توتره وحالته واضحة للجميع خاصةً لتلك العروس التي بجواره والتي ينظر نحوها بطرف عينه ويشعر أنه قد تسرع في تلك الزيجة ، فأين تذهب تلك بجانب ليلى ؟!!!

آااااااااااه يا ليلى ! ماذا فعلتي بي ؟!! ولماذا الآن ؟!!
لماذا يتحرك هذا القلب ويدق ويشتاق بتلك الطريقة ؟!
كان أحمد جالسٌ في فرحه يعاتب نفسه و هو يندم بشدة على كل ما اقترفه في حقها ، وفجأة وجد إبنته تدخل القاعة بمفردها فأشار إليها لتجيء.
مريم :نعم أبي.
أحمد: أين أمك ؟

مريم:لقد إنصرفت مع خالتي منى.
فسألها في غضبٍ شديد : لأين ؟!
مريم:لا أعلم.
وتركته.

وكأن مريم هي الأخرى تمارس الضغط على أبيها لتتركه في تلك الحالة عن عمد فأخذ يتصل بليلى مراراً وهي ترى إتصاله ولا ترد فيزداد غضباً وتوتراً ، وأخيراً قد قرر مع نفسه بعد أن يدخل بعروسه سينتظرها لتنام ثم يذهب لليلى ويقضي معها تلك الليلة…بين أحضانها… فمؤكد أنها لن تمانع…. ومؤكد أنها قد إشتاقت إليه هي الأخرى.
وجلس وهو يمني نفسه بليلة رائعة منقطعة النظير… وعلى ذلك فقد أشار للمسئول عن القاعة أن ينهي الحفل مسرعاً ويعجّل بزفة المغادرة.

أما ليلى فقد عادت مع منى إلي منزلها و رأسها تؤلمها بشدة وسارت معها منى لتوصلها حتى شقتها.
منى:ليلى ! هل أنت بخير ؟!
ليلى:إطمأني ! سأنام وأستيقظ فأكون أفضل ، إذهبي أنت وإعتني بنفسك ، لقد أتعبتك معي اليوم كثيراً.
منى بمزاح :اليوم فقط !

قالتها بمزحة وضحكت لتضحكها فضحكت ليلى بالكاد وهي تتألم فأكملت منى قائلة :لا تقولي هذا الكلام ، فنحن أختان أنسيتي يا عِشرة العمر ، ثم اليوم قد أخذت إذن مفتوح من زوجي ، أعتقد أنه جالسٌ بترقب ينتظرني أعود لأوافيه بأهم الأنباء.
ليلى:الأنباء قد وصلت ، فقد نشرت صورنا معاً وفعلت  إشارة لكِ (التاج).
منى : إذن أراه يرتعد خوفاً وسيحترس مني لأني أمتلك صديقة مثلك… داهية.

وضحكت فقالت ليلى:بارك الله في زوجك وأسعدكما دائماً لآخر العمر، وهيا إنصرفي كفاكي ثرثرة رأسي ستنفجر.
فتعانقتا وإنصرفت منى وفتحت ليلى باب الشقة ودخلت تترنح قليلاً وما أن دخلت حتى وقعت عينها علي الصور الموجودة على أحد الجدران والتي تجمعهما معاً منذ طفولتهما وحتى الآن في كثيرٍ من المواقف والمناسبات ، كما هما متشابهتين ليس فقط في طباعهما بل حتى في ملامحهما نفس درجة لون البشرة والشعر حتى عندما تنوي أحدهما تغيير لونها تغيره الأخرى بدون تفكير وكأنه أمراً جبرياً وكذلك في قصة الشعر…لكن سقطت عينها على شخصٍ ما وسط تلك الصور لكنها بدأت تشعر أنها ستفقد وعيها.

فأسرعت نحو غرفتها وبدلت ملابسها ولم تقوى فوجدت نفسها تهبط على الأرض جاثيةً على ركبتيها فأخذت تزحف حتى وصلت لفراشها ونامت فيه حتى دون أن تزيل تلك المساحيق التي على وجهها.
عاد أحمد بعروسه وكان في قمة غضبه من إنصراف ليلى وعزم إعادتها إليه ، وما أن وصل حتى طلب من أبناءه أن يدخلوا ويتأكدوا إن كانت قد عادت أم لا ،فدخلت مريم و وجدتها نائمة فخرجت وطمأنت والدها ثم دخلت هي وأخيها لشقتهما .

دخلت مريم في غرفة النوم و وجدت أمها تنام بحالتها تلك فنادتها بخوف :أمي أمي ! هل أنت بخير ؟
ليلى بأنين :إممممممم.
مريم:أمي أنت نائمة دون أن تزيلي مساحيق التجميل سأزيلها لك.
فأحضرت مريم المزيل الخاص بها وبدأت تمسح وتنظف وجه امها ثم عدّلت من وصعية جسدها وأحكمت الغطاء عليها ثم بدلت ملابسها ونامت بجوارها كما اعتادت من فترة.

دخل أحمد بعروسه وإنتظرها حتى تغط في سباتٍ عميق ثم ارتدى ملابسه وذهب متسللاً للقاء ليلى…اللقاء المنتظر…فقد شعر فجأة أنه صار مجنون ليلى ومتيّمٌ بها… يريدها وحدها.. ولا أحد غيرها يسد الفراغ الذي تركته.
ذهب لشقة عمه ودخل لغرفة النوم وقف قليلاً يتأمل ليلى ، كيف لم يراها من قبل طوال تلك الأعوام ؟!! كيف لم يشعر برقتها ويرى جمالها هذا ؟!!! لقد طيّر الشوق عقله وكاد أن يمسه الجنون ، فهو مشتاقٌ وعنده لوعةٌ.
وحاول أن ييقظ مريم لتذهب لغرفتها فقلقت ليلى وإنتبهت لوجوده فجأة فنهضت وهي تحاول الثبات فلازالت متعبة.
ليلى:أحمد ! ما الذي أتى بك إلى هنا ؟!!

فهمس لها :مشتاق.
ليلى:إذهب لعروسك !
فاقترب منها وجلس جوارها و وضع يده علي رقبتها و الأخرى يتحسس بها وجهها وقال: ألم تشتاقي إليّ ؟!!
ليلى وهي تدفع يديه عنها :لقد إنتهينا من تلك القصص.
فاقترب أكثر ليقبل رقبتها فدفعته فقال: وماذا بعد ؟!!

ليلى: ماذا بعد لك أنت ؟!! ألم تقل أني لست بإمرأة بين النساء ولا أحرك إحساسك بأي صورة ، وأنك كنت دائماً مجبراً عليّ ، اذهب إذن للأخرى أم هي أيضاً ليست بإمرأة ولا تحرك فيك شيئاً ، إذن فالمشكلة فيك.
أحمد :دعكِ من كل هذا وهيا بنا للغرفة الأخرى نقضي ليلتنا ، هيا إنهضي أريدك الآن !
ليلى: وأنا أريد النوم ، رأسي تكاد تنفجر ، إذهب !

أحمد ولازال يتلمسها : إذن دعيني أعالجك بطريقتي.
ليلى:قلت لك أريد النوم ، هيا اغرب من هنا.
فغضب بشدة واشتد غيظه فاستلقت في فراشها وقالت بهدوء:إغلق النور قبل أن تنصرف.
فخبط عليه بقوة من شدة غيظه وغضبه لخذلانها له، وعاد أحمد لشقته فوجد عروسه مستيقظة وتنتظره و تتوعد له وفي شدة غضبها.
احمد بمفاجأة :إستيقظتي ؟!!
العروس:أين كنت يا رجل ؟!!
أحمد : كنت أطمأن على أبنائي.

العروس:لا والله ! أتتركني في ليلتي الأولى وأنا عروس لتذهب إليها ؟!!!
فقال بتضجر :هيا لنكمل نومنا إذن.
مرت أيام وأيام وأحمد لا يكف عن محاولات صلحها وإستمالة قلبها لكن لازالت بلا فائدة وقد طال الوقت لأكثر من شهرين و مهما فعل فلا تلين ولاتقبل أبداً.
وذات يوم بينما كانت ليلى في عملها هي ومنى إذ جاء أحمد ويحمل باقة رائعة من الورود.
أحمد :مساء الورد.

منى :مساء الخير ،كيف حالك يا أحمد ؟
أحمد :متعبٌ ومشردٌ ، صديقتك لا تلين أبداً.
منى:لولا ! ألم تنتبهي من الزائر ؟!!!
فردت دون أن ترفع عينها عما تفعل: آه.
أحمد :إذن سأنتظرك بالخارج بعد إنتهاء موعد عملك ،تفضلي هذه لك.

فأخذته و وضعته بجانبها دون أن تنظر فيه وقالت بطريقة عملية كأنها تحدّث أحد العملاء:شكراً.
فإنصرف أحمد لينتظرها بالخارج .
منى:ليلى ! أنت يا فتاة ! قللي حدتك تلك.
ليلى:ولماذا أعطيه أملاً وقد إنتهي من حياتي ؟!!!
منى :إذن فأعطيه آخر فرصة وإسمعي منه يبدو أنه قد تعلّم الدرس جيداً.
وبالفعل أنهت ليلى عملها وخرجت فوجدته ينتظرها بسيارته فركبت معه وهي تحمل باقة الورد فهي حقاً رائعة وقد أعجبتها وأعجبت بفكرتها التي لم يفعلها قط.

ركبت معه وطوال الطريق صامتة وتنظر أمامها حتى قطع أحمد هذا الصمت :ألم تكتفي يا ليلى من الهجر والتعذيب ؟!! لقد أخطأت بحقك كثيراً وظلمتك وأهنتك ، لكن قد شعرت بخطأي ولن أغضبك أو أسيء إليك مرة أخرى ، كفاكي هجراً أرجوكي.
فلم ترد فأكمل :أقسم لك لقد عرفت قيمتك وكل ما تريديه أوافق عليه مقدماً، ليلى لقد إشتاقت لك كثيراً ، إشتاقت لك أنت فقط ، مشتاقٌ يا ليلتي.

ومد يده يضعها علي فخذها بطريقة ونظرة رغبة تفهمها جيداً فانكمشت في نفسها ونزعت يده بهدوء ثم قالت :دعني أفكر.
وأكمل سيره ببعض التأفف حتى وصلا للبيت فنزلت وتركته وانصرف هو بسيارته ، لم تكن ليلى تنوي التفكير فالأمر محسومٌ وانتهى تماماً ، لم تعد تتحمل لمساته تلك ولا تطيقها ، والأمر واضحٌ إليها ، كل ما هنالك أنه يريدها رغبةً وليس حباً ، إشتياق جسدي وليس شوق القلوب كما تظن مني.

وبينما هي شاردة في أفكارها هكذا إذ طرق الباب فنهضت وإتجهت للباب وفتحت وتفاجأت ب……..
وللحديث بقية،

https://www.barabic.com/real-stories/13040

تعليقات (1)

إغلاق