ستلد زوجتك بنتا تتسبب في قتل أخيها (كاملة)

ستلد زوجتك بنتا تتسبب في قتل أخيها (كاملة)

عاشت في قديم الزمان اسرة مكونة من رجل وزوجته وابنهما الوحيد وذات يوم نوى الرجل السفر إلى القرية فاتصل بالمنجمين ليطلعوه على ما سيجري لأسرته اثناء غيابه عن القرية فقالوا له:
– ستلد زوجتك بنتا تتسبب في قتل أخيها.

انزعج الرجل من أقوالهم ، خاصة وهو يعرف أن زوجته حامل ، وخاف على ابنه الوحيد من المصير الذي ينظره على يد الجنين النامي في بطن أمه فيتمنى لو أنها تضع ما في بطنها لتخلص بنفسه من المولود لو كانت بتنا ، إلا أن سفره حان قبل ذلك ن فقال يوصي إبنه:

– لقد سمعت ما قاله المنجمون وأنا على سفر سيدوم عدة سنوات فاذا وضعت أمك بنتا اقتلها في الحال ولا تتركها تعيش لأنها ستجلب لأسرتنا الخراب ، واياك ان تهمل وصيتي.
كان الرجل يتكلم والابن يصغي له وعندما انتهى اجابه يقول:
– إني أسمع ما تقول وسأعمل بوصيتك ولن اخالفها.

فسافر الرجل مطمئنا بأن ابنه سيعمل بوصيته. عندما وضعت المرأة كان المولود طفلة جميلة أحبها الولد وتعلق بها وتردد في قتلها ، إلا أن وصية أبيه بقيت ترن في أذنه باستمرار فبقى ممزق المشاعر بين تعلقة بها وبين اوامر أبيه ، وقرر في الآخر الابقاء عليها وهو يقول لنفسه:

– سأتركها تعيش ، وعندما يعود سيشاهدها ، وربما يغير رأيه ، وإذا أصر على قتلها سيكون لي موقف آخر.
أخذت الطفلة تنمو تكبر وهو يزداد تعلقا بها وهي تزداد تعلقا به، ولما آن أوان عودة أبيهما كانت الفتاة تفهم وتدرك كل ما يدور حواليها فخاف أخوها من أبيه فتفاهم مع جارهم بأن يحتفظ بالفتاة على أنها ابنته ويسلمه ابنه ليقدمه لأبيه على أنه أخوه فوافق الجار على ذلك ريثما يألف الرجل إبنته. فلما وصل الأب قدم له الولد على أنه ابنه وتعرف على الفتاة على أنها بنت جاره ، الا ان ذلك التستر لم يدم فقد عرف الرجل الحقيقة فعاتب ابنه على تجاهله وصيته وصاح به يأمره:

– اقتلها أو ادفنها حية ولا تحاول أن تريني وجهها ثانية ، ولاتريني وجهك إذا لم تنفذ أمري.
لم يجد الولد بدا من اطاعة أمر والده ، الا أنه رأى دفن أخته حية أهون على نفسه من قتلها فأخذ المعول وركب حصانه وأردف أخته وراه وسار إلى مكان بعيد عن القرية فتوقف ونزل م فوق الحصان وأخذ المعول وراح يضرب به الأرض يحفر حفرة ليدفن أخته فيها.

عندما رأته أخته يحفر اللأرض أخذت تساعده في قل التراب وجمع الأحجار ، فبقى يشاهدها وهو صامت إلى أن رأى أن الحفرة على مقاسها:

– انزلي إلى الحفرة لأرى ما إذا كانت على مقاسك لم تمانع الفتاة ، فقفزت إلى داخلها ، وبدأ هو يسقفها بما جمعه وأعده م أحجار وهي تضحك وتواصل حديثها معه تبدي له ملاحظاتها وترشده ببراءة إلى الثقوب والفتحات التي لم يسدها قائلة له:
– الضوء الكثير يدخل من هذا الثقب.

فيعمل على سده ليسمع صوتها من جديد تشير إلى ثقب آخر:
– من هذا الثقب أرى الشمس.

فيعمل على سده ، وتستمر هي في إرشاده إلى الشقوق والثقوب التي يدخل منها الضوء ويتجدد الهواء فيسدها واحدا بعد ىخر ونفسه تنازعه الاشفاق عليها، والكف عن دفنها خاصة وهي تجهل ما يراد بها والا لما أخذت تدله على الثقوب.

وقف حائرا امام آخر ثقب هل يسده لينهي حياتها ويعود إلى أبيه ، أم يخرجها ويتولى رعايتها بعيدا عن أبيه وما هو مقدر للانسان لا بد منه.

تغلبت عاطفته نحوها ، فأسرع يزيح التراب والاحجار ليشاهدها تضحك ، فأخرجها لينفض عنها التراب ويبادلها الضحك وهو يغالب دموعه ، فأردفها خلفه على ظهر حصانه وراح يسير على غير هدى.

عثر في طريقه على نمرين صغيرين لوحدهما في الوادي فأخدهما معه ليشاطرانه الحياة التي سيعيشها وحيدا مع أخته ، واستمر يواصل سيره باحثا عن مكان قصي مهججور يستقر فيه ، فوجد ضالته على ضفة جدول ماء فحط رحاله عنده وشرع في بناء كوخ صغير يأويان فيه ، واسطبل يأوي فيه الحصان والنمرين.

عندما استقر به المقام في ذلك المكان راح يستيقظ مع كل صباح ليسرج حصانه وعتلي ظهرها مستصحبا معه النمرين الصغيرين ، ويخرج للصيد والقنص والتدريب على فنون القتال ، ولا يعود الا بعد منتصف النهار موصيا أخته بأن لا تفتح الباب لأي طارق وان لا تتعرف على أي غريب ، ولا تنزل الجدول لتغتسل أو تغسل الملابس ، أو تنقل حاجتهما من الماء أثناء غيابه.

جعل الولد من نفسه ، ومن الحصان والنمرين شيئا واحدا ، كل واحد يكمل الآخر ، يتحركون بصورة جماعية كلما طلب منهم التحرك وراءه ، وقد أطلق على حصانه إسم (حصان بن هادي) وعلى النمر الأول إسم (قلبي) وعلى النمر الثاني إسم (فؤادي) ودربهما على الوقوف بجانب الحصان لينطلقوا معه عندما يناديهم بقوله :
– قلبي ، فؤادي ، حصان ابن هادي ، دقي الوادي.

ما أن يسمعوا ذلك منه حتى تعدو الخيل والنمرين معها يقاتلان ويصطادان معه.
اخذت الحياة تسير به في مكانه ذاك يقضي أوقاته في الصيد ، وتدريب النمرين على طاعته والقتال معه والفتاة قاعدة في البيت تعد الطعام وتعتني بالحصان والنمرين عند عودتهم.

كان من الممكن ان تستمر حياتهم على هذه الوتيرة لو لم يكن السلطان الذي يقيم على ضفة الجدول على بعد مسافة منهم معتادا على النزول إلى الجدول ليسقي حصانه بنفسه ، فذات يوم امتنع الحصان عن الشرب ، وكلما أدنى رأسه إلى الماء رفعه قبل أن يشرب ولما تكرر ذلك منه مرارا أثار عجب السلطان فانحني على الجدول يمعن النظر فيه ، فشاهد شعرة مستطيلة ملتفة بين الماء خاف منها الفرس وامتنع عن الشرب فتناول الشعرة بيده وأخذ يسقيها ولفها برفق واحتفظ بها ، وراح يعرضها على جلسائه يسألهم عن من تكون صاحبتها ، وهل هي من الانس أو من الجن . تحير الجميع من طولها فقال لهم السلطان:

– الذي سيأتيني بأخت هذه الشعرة سأعطيه ما يطلب.
فقال أحد جلسائه :
– لن يحقق طلبك إلا العجوز الكاهنة.
فأمر السلطان باستدعائها فلما حضرت مجلسه عرض عليها الشعرة وهو يقول لها:
– إذا احضرت لي أخت هذه الشعرة سأعطيك كل الذي تطلبين:

فقالت له العجوز:
– وإذا احضرت لك صاحبتها؟
– سأضاعف لك العطاء.

طوت العجوز الشعرة بطرف خمارها ، وأخذت عصاها وسارت في محاذاة الجدو لتبحث عن ضالتها حتى وصلت إلى الكوخ الذي تقيم فيه الفتاة مع أخيها فدقت الباب لتستغرب الفتاة من ذلك لأنها لم تعتد أن يطرق عليها الباب أحدا فتسالت:
– من يطرق الباب؟
– عجوز عابرة سبيل تطلب لقمة غداء.

أجابتها الفتاة من وراء الباب:
– الله كريم ، ليس لدينا منا نتصدق به.
لم تجبها العجوز ، ولم تعاود طلب الاحسان مرة أخرى وانما تظاهرت بالتعب والمرض والجوع، تشكو حالها لنفسها وتدعو الله على نفسها بقولها:

– يالله عِزّني ولا هذه الهيانة ، احوجتنا لما في أيد ا لناس ، وذليتنا آخر اعمارنا.

كانت العجوز تشكو حالها وتدعي على نفسها والفتاة التي تستمع لها من وراء الباب ، ترق عواطفها وتلين نحو العجوز كلما أمعنت العجوز في الدعاء على نفسها حتى ذابت عواطف الفتاة ففتحت الباب لتقدم لها كسرة خبز وجرعة ماء تناولتهما العجوز شاكرة وجلست تقضم الخبز وتعلكه بأسنانها وتشرب من الماء وتارة تبلل الخبز بالماء قبل أن تأكله والفتاة ترقبها بصمت.

https://www.barabic.com/real-stories/13935

تعليقات (0)

إغلاق