ستلد زوجتك بنتا تتسبب في قتل أخيها (الجزء الثالث)

ستلد زوجتك بنتا تتسبب في قتل أخيها (الجزء الثالث)

رفضت الفتاة فكرة الهروب في بادئ الأمر لتعلقها بأخيها الا ان استمرار العجو في تزيين الحياة لها في قصر السلطان وما سيحيط بها من خدم وجوار ، وما ستتمتع به من نعيم جعلها تتقبل الفكرة وبقيت تتهيب التنفيذ خوفا من بطش أخيها ، فقالت للعجوز:

– إذا هربت معك أخشى أن يتتبعها أخي وينكل بي.
فقالت لها العجوز تطمنها:
– اطمئني من ذلك ، سيكون مجموعة من حرس السلطان في مرافقتنا.
– أخشى أن يتغلب عليهم بمساعدة النمرين.
– لن يكون أقوى من جيش السلطان.

أطمأنت الفتاة لوعود العجوز وتأكيدها فوافقت على الهروب معها صبيحة اليوم التالي بعد خروج أخيها ، فأنصرفت العجوز متجهة نحو السلطان لتزف له البشرى بأن افتاة ستكون في قصره مساء اغد ، وطبت منه قوة من فرسانه مرافقتها ومنع أخيا إذا لحق بها لارجاعها ، فأصدر السلطان أمره إلى مجموعة من فرسانه بمرافقتها مستصحبين معهم حصانه الخاص ليحملها إلى القصر.

في صبيحة اليوم التالي ذهبت العجوزالكاهنة ، وبرفقتها مجموعة من فرسان السلطان في اتجاه بيت الفتاة ، وعندما قاربت المكان تركتهم هناك وسارت بمفردها لتجد الفتاة قد حزمت ملابسها بعد خروج أخيها وبقيت تنتظر قدومها ففرحت بمرآها ، وانصرفت هاربة معها ، وهي تكاد تسابق العجوز في سيرها خوفا من عودة أخيها ، وعندما وصلن إلى المكان الذي بقي الفرسان في إنتظارهما فيه ، اعتلت حصان السلطان التي أرسلت لها ، وواصلت السير والفرسان يسيرون ورائها متجهين إلى قصر السلطان في المدينة .

عندما عاد أخوها إلى البيت لم يجدها في أنتظاره كعادتها وتوهم أنها نزلت إلى الجدول ، أو خرجت لقضاء حاجتها فناداها ، وتكرر نداءه لها دون أي يسمع من يرد عليه فراح يبحث عنها في الاماكن القريبة فلم يعثر لها على أثر فعاد يبحث ويفتش في حوائج البيت ، فوجد ملابسها والاشياء الخاصة بها قد اختفت معها، فأيقن أنها هربت مع غريب كانت على معرفة به من وراءه، فتذكر وصية والده له بقتلها يوم سفره وعصيانه لأمر أبيه ، الأول ، والثاني ، بقتلها ، وفضل أن يعيش معها في ذلك المكان المقفر وحيدين ، على أن يعيش بدونها مع اسرته واذا هي تغدر به وتهرب في أول فرصة لاحت لها.

تذكر ذلك وملأت الحسرة والغيظ نفسه ، فقفز إلى ظهر جواده وهمزه وهو يقول:
– قلبي ، فؤادي ، حصان ابن هادي دقوا الوادي إنطلقت الحصان تسابق الريح في عدوها والنمرين انطلقا خلالها ، وبقي يستحثهم على السير بسرعة ويتمنى لو يطير ليحلق بأخته ، التي كانت تتسرع في سيرها مثله مخافة أن يلحق بها في الطريق ، فبقيت عيناها مسمرتين نحو الخلف ترقبانه بدلا من مراقبتها الطريق التي ستوصلها إلى قصر السلطان ، فلاحظت غبار خيل يسير ورائهم ويقترب منهم ، فبقيت تتابعه حتى غدا على مقربة منها تمكنت من التعرف عليه ، فصاحت بالعجوز والفرسان قائلة :

– أخي يجري في أثرنا ولا بد من دخول المدينة قبل أن يلحق بنا .
سمع الفرسان قولها ذلك اسرعوا في السير وأخذوا يتهيئون لملاقاة أخيها.
عندما اقترب الفتى وشاهد فرسان السلطان يتهيئون لملاقاته وتعرف على أخته راكبة حصان السلطان استل سيفه وهمز حصانه وقال:

– قلبي ، فؤادي ، حصان ابن هادي دقوا الوادي.
قال ذلك وحمل عليهم يضرب بسيفه والنمران يبطشان بمخالبهما، وينهشان بأنيابهما فرسان السلطان الذين حاولوا الصمود والوقوف في وجه الفتي ، دون جدوى فلم يجدوا بدا من الهروب للنجاة بأرواحهم نحو أبواب المدينة وعندما اجتازوها اوصدت في وجه الفتى ليحولوا دون استعادته لشقيقته.

لما وجد الفتى الابواب موصدة في وجهه انسحب إلى غير بعيد منها ليريح جسمه. وليأخذ حصانه والنمران راحتهما استعدادا لمعركة اليوم التالي ولما رأى انه لم يخرج أحد لملاقاته من فرسان السلطان ، فرض حصارا على المدينة ، ومنع الدخول والخروج منها وإليها حتى اضطر السلطان أن يأمر عسكره بالخروج لمحاربة الفتى.

وخرج هو لمشاهدة المعركة والفتاة تقف وراءه وعندما شاهدهم الفتي صاح صيحتة المألوفة:
– قلبي ، فؤادي ، حصان ابن هادي ، دقوا الوادي.

قال ذلك وهمز حصانه فانطلق الحصان والنمران حواليه واخذ يضرب بسيفه جنود السلطان والنمران يبطشان بمخالبهما بطن الخيول والجنود ، وماهي إلا ساعة حتى هرب من بقى منهم في مواجهته والسلطان في المقدمة ودخلوا المدينة وأوصدوا أبوابها وراءهم خوفا منه.

تكرر حصار الفتى للمدينة وخروج جنود السلطان لملاقاته وهزيمتهم امامة اكثر من يوم والمخاوف تملأ قلب الفتاة فشكت للعجوز الكاهنة وهي تقول لها:

– استمرار هزائم جنود السلطان وانتصار أخي عليهم يوما وراء يوم لا بد وأن يستعيدني بالقوة أو بالمفاوضات على رفع الحصار عن المدينة ، لذا أجد الخوف يضاعف في نفسي مع كل هزيمة لعسكر السلطان.

فقالت لها العجوز:
– أخوكي يستمد قوته من النمرين وهما لم يألفا احد سواكما وما من احد يستطيع الاقتراب منهما في الوقت الحاضر غيرك والرأي أن نذهب معا إلى مكانهما لنسد آذان النمرين بالشمع وندهن ظهر الحصان من تحت السرج بالحلبة ونترك رباط السرج غير مشدود لنعيق مساعدة النمرين له ، ولكي يسقط عن ظهر الحصان.

وافقت الفتاة على القيام بذلك فسارت في الظلام والعجوز بجانبها ، وعندما وصلت لم ينكرها الحصان ولا النمرين فراحت تفتح للحصان سرجه وتدهن له ظهره بالحلبة وتركت رباط السرج شبه مشدود ، وعمدت إلى النمرين تسد آذانهم بالشمع ، وانصرفت والعجوز معها مطمئنة إلى نجاح خطتها.

في صبيحة اليوم التالي حاصر الفتى المدينة كعادته وخرج له جنود السلطان كعادتهم ، وما ان شاهدهم حتى صاح صيحتة المألوفة:
– قلبي ، فؤادي ، حصان ابن هادي دقوا الوادي.

قال ذلك وهمز الخيل فانطلقت تعدو إلا ان النمرين بقيا واقفين لأنهما لم يسمعا نداءه بسبب الشمع الذسي سدت به آذانهم ، فتلفت حواليه فوجدهما واقفين فاستغرب ذلك منهما وأدار عنان حصانه نحوهما وعاود ندائهما فلم يستجيبا له ، فرأى ذلك جنود السلطان فحملوا عليه وحاول بدور أن يلعب بحصانه قبل أن يلاقيهم فمال به السرج فوقع من ظهر الحصان على الأرض ، وقل أن يقوم تدافع فرسان السلطان عليه يقطعونه بسيوفهم وتركوه ورائهم وهم موقنين أنه قد فارق الحياة وان الوحوش ستأكله ، وساقوا حصانه والنمرين معهم إلى المدينة.

بقي الفتي هناك مغسلا بالدماء ومثخنا بالجراح ، لا يربطه شيئا بالحياة الا أنينا خافتا متقطعا طرق مسامع جمّال مر على مقربة منه فشاهده مشرفا على الموت ، فرق لحاله وحمله معه إلى منزله وتولى تضميد جراجه ومداواته وزوجته تعتني بغذائه ، حتى أخذ يستعيد وعيه وصحته يوما بعد يوم.

عندما خفت آلامه واستعاد كامل وعيه أخذ يدير عينيه فيما حواليه بإستغراب محاولا معرفة المكان الذي هو فيه ومن أوصله إليه، وتطلع في وجه الرجل والمرأة الجالسين بجانبه ، فسألهما من يكونان ، وفي أي مكان هو ، ومن الذي نقله إلى هناك ، فأخبره الجمال أنه عثر عليه ملقيا في الفلاة مشرفا على الموت من كثرة جراحه ، وسأله الجمّال بدوره عن سبب تلك الجراح.

شرد الفتى بذهنه ، وعاد بتفكيره إلى ماضي حياته واستعاد شريط ذكرياتها ، ولسانه يوري للجمّال وزوجته تفاصيل حياته من يوم كان يعيش مع اسرته ، وقول المنجمين لأبيه قبل سفره ووصيته له بقتل أخته وماذا جر عليه مخالفة ذلك الأمر والاشفاق عليها.يتبع

https://www.barabic.com/real-stories/13937

تعليقات (1)

إغلاق