رواية في قبضة الطاغية (الفصل التاسع عشر)

رواية في قبضة الطاغية (الفصل التاسع عشر)

_وصل “الصقر” في البداية عند الأرض ليجد كل الفلاحين يعملوا بنشاط تام ، أمعن النظر بهم جيدًا ليجد فيهم رجلًا كبيرًا يقاوم تعبه ويعمل حتى لا يلاحظه “الصقر” فيقوم بالقبض عليه !

تقدم منه “الصقر” حتى وصل أمامه ليراه الفلاح ويرتعد فقد ظن أنه سيقبض عليه من طريقته في العمل البطيئة ،لكن لم يكن بيده شيء فخاطبه بنبرة متوترة:
-أني بتشغل بسرعة أهو يا بيه ، سامحني آآ
قاطعه “الصقر” بإشارة من يده وقال بنبرة كلامية واحدة:

-ششش، تروح دلوقتي بيتك وتقعد هناك لحد ما تخف وبعدين ترجع تشتغل وفلوسك هتمشي عادي ،يلا!
لم يصدق الفلاح ما سمعه فتح عينه وقال:
-صحيح يا بيه!
أومأ برأسه ثم ذهب من أمامه ،ووقف أمام الجميع حتى يتحدث ويقول:

-النظام هيتجدد بشكل تاني وهيتنفذ ، المشرف الجديد عليكم هيجي يقولكم التعليمات اللي هتتنفذ من دلوقتي !
وما هي إلا ثواني حتى أتى “حامد” بتلك السيارة التي بعثها “الصقر” له وكان في أبهى حلته حتى تفاجأ جميع الفلاحين بأن “حامد” مازال على قيد الحياة وبصحته تلك !
ابتسم “للصقر” فبادله لأول مرة الابتسامة وقال:

-من هنا ورايح “حامد” باشا هيكون المشرف بتاعكم بالشروط الجديدة دلوقتي هو حمايا وأكتر واحد هأمن عليه على الأرض دي !
كانت معالم الدهشة على كل فرد في الأرض وأكثرهم كان “حامد” الذي لم يصدق ما قاله أهذه حقًا ستكون وظيفته !
أعطاه “الصقر” ورقة بها كل الشروط اللازمة فأخذها منه “حامد” وهو لم يصدق بعد فهتف “الصقر” :
-بتعرف تقرأ صح ؟

نظر له بامتنان بالغ وأومأ برأسه وقال:
-أيوة يبني ،مش عارف أقولك ايه !!
تنهد “الصقر” وقال بنبرة ذات مغزى:
-متهيألي لازم تتشرف بجوز بنتك يا عمي !
تركه وسط صدمته حتى بدا يقرأ شروط الأرض لينصدم أكتر مما رآه!

…………………………………
عاد “الصقر” نحو منزله ثم طلع نحو غرفته وأمر “هدى” بالمجيء أليه ،رأتها “جود” واحتقنت لتذهب خلفها !
………….
دلفت “هدى” نحو الغرفة ثم وكانت متجهة نحو المرحاض حتى دلفت “جود” توقفها قائلة:
-استني هنا !
نظرت لها بحيرة بعد أن التفت لها وسألتها مستفهمة:

-في حاجة يا هانم عاوزاها مني ؟
استشاطت غضبًا وهي تقترب منها قائلة:
-أنتِ رايحة فين كده ؟
تعجبت “هدى” وأشارت نحو المرحاض الخاص ب”الصقر”
-وقت حمام الباشا يا فندم ولازم أكون معاه !

اغتاظت “جود” وأمسكتها من يدها وقالت:
-ليه مش بيعرف يستحمى لوحده ولا يكون لسة بيرضع ؟
خجلت”هدى” ولم تعرف بماذا تجيب فهتفت قائلة:
-يا فندم دي أوامر الباشا اللي متعودين عليها!
-أوامر دي على نفسك مفيش هنا الكلام ده بلا قلة أدب !

…..
داخل المرحاض استمع “غيث” صوت ضجيج بالخارج واستمع إلى صوت “جود” ووصيفته احتقن ولف منشفته حوله وخرج بهرولة قائلًا بصوت عالي :
-في ايه هنا !!
ذهبت له “جود” غاضبة ثم قالت :
-أنت ازاي تسمحلها تدخل معاك جوا كده ؟!

غضب “الصقر” منها كثيرًا وقال:
-وأنتِ مالك ؟
-لا والله أنت ناسي إني مراتك ولا إيه !
لم يصدق أنها قالت ذلك :
-يعني معترفة إني جوزك بقى !
ارتبكت “جود” وأشاحت بوجهها وقالت:

-متغيرش الموضوع، بس مينفعش دي تدخل معاك غلط ولا مش بتعرف تستحمى لوحدك !
أشار ل”هدى” بالانصراف برأسه ثم تحدث معها بعد أن أمسك بيدها:
-امممم خلاص طالما ده غلط يبقى أنتِ أولى بقى !
لم تفهم مقصده وقالت:
-يعني إيه مش فاهمة!

سحبها نحو المرحاض وقال بلؤم:
-يعني هتكوني مكان “هدى” وبكده ميبقاش في حاجة غلط بقى !
صُدمت “جود” وسحبت يدها وقالت:
-لا طبعًا مستحيل بتهزر صح ! ،مش هعمل كده !
-لا هتعملي !
حملها فجأة وظلت هي تصرخ وبشدة حتى دلف بها إلى المرحاض وكممها وقال:

-لازم تتعودي عليا أنا دلوقتي جوزك وده حقي ، يلا!
……………………………………………………
عادت “مليكة نحو المزرعة بعد أن فحصت ذلك الفلاح الذي أمرها به “الصقر” أن تراه عادت وأعطته علاجًا ،ثم جلست نحو مكتبها تباشر أمور العمل !


على الجانب الآخر فكر “باسل” أن تلك الفتاة ربما تكون طعمًا يصطاده ،أتاه اتصال “شريف” المنتظر فأجاب سريعًا :
-ها عرفت هي مين كويس!؟
-أيوة يا “باسل” تبقى أخته ،بس بلاش السكة دي أنت مش قدها !
ابتسم “باسل” باتساع وقال:
-شكرًا يا “شريف” مع السلامة !

أغلق في السريع ثم اتجه نحو غرفة مكتبها !
طرق الباب فأذنت له بدخول ،دلف وقال بتهذيب محترف:
-تسمحيلي آخد من وقتك شوية !
ابتسمت له بود وقالت:
-أه طبعًا اتفضل يا أستاذ آآآ ،احم معلش كان ايه الاسم
ابتسم “باسل” بعد أن جلس وقال:
“باسل” ومش هاخد كتير من وقتك

-طب تحب تشرب إيه ؟
قال وهو يهز رأسه نافيًا:
-ملوش لزوم ،بس كنت عايز آخر كشوفات للي حضرتك عملتيه عشان أطلع عليه وأشوف كله تمام ولا لاء !
أومأت برأسها مبتسمة وأعطته الأوراق وقالت:
-اتفضل حضرتك ده الملخص بتاع كل حاجة حصلت انهاردة
أخذه منها وتعمد أن يلمس يدها حتى ارتكبت ونزعتها سريعًا ،أظنهر هو تأسفه النادم وقال:
-احم بعتذر بعدئذنك !

تركها وهي تشعر بطيار قوي رهيب لا تدري من أين أتى !
……………………………………………
كانت “جود تشعر بالحنق لما فعله وكيف أجبرها على الدخول معه وأداء وظيفة “هدى” اغتاظت من طريقته لكنها في نفس الوقت كانت سعيدة أنه لم يعارضها وعلم أن وجود “هدى” معه خطأ كبير يجب أن ينهيه ، ارتدى ملابسه ونظر لها بابتسامة خبيثة ثم جلس بجانبها وقال:
-اوعي تكوني مضايقة ولا حاجة !

تنفخت “جود” وقالت:
لا خالص عادي جدًا ولا كأنك عملت حاجة !
أمسكها من طرف ذقنها واقترب منها واستنشق رقبتها وقال:
-قربي مني !
ارتعشت وحاولت الابتعاد فلم يجعلها وهتف هامسًا:
-بلاش نبعد ،خلينا نحاول تاني !

نظرت نحوه ورأت في عينه احتياج كبير ،أغمضت عينها وتنهدت متحيرة:
-بس آآ
مبسش لازم نكسر أي حاجز بينا !
قالها يحاول طمأنتها فعناقها بقوة لتجد نفسها تلبي له ذلك الاحتياج وتربت عليه كطفل صغير ،تشبث بها ثم أبعدها ونظر نحو شفتيها متعطشًا ،ليقترب ويقبّلها يرسل لها مدى احتياجه ،استسلمت تلك المرة وتركته يفعل ما يريده لكنها في لحظة ابتعدت وهي تأخذ أنفاسها بلهثة …:

آآآ…أنا نازلة الجنينة!
تركها تذهب من خجلها وهو يحاول التفكير فيما يجعلها هي تأتي له !
…………………………………………
عادت “مليكة” من عملها منهكة ولكنها أسرعت للاتصال بوالدتها حتى ردت عليها وطمأنتها عن حالها ثم باغتتها بسؤالها قائلة:

-ماما كنت عايزة أسألك عن حاجة ،سمعتي عن اسم “جود” قبل كده يعني أنا فاكرة الاسم ده سمعته عندنا!
حاولت “كوثر” التذكر وما لبثت أن قالت:
-أيوة افتكرت دي بنت صباح اللي راجل كده اخدها عنده بس ليه بتسألي !
تفاجأت “مليكة” بصدمة وقالت:
-بتقولي أيييه !!!

https://www.barabic.com/stories/14969

تعليقات (1)

إغلاق