رواية الصياد (الجزء الثاني) (الفصل الثامن)

رواية الصياد (الجزء الثاني) (الفصل الثامن)

ابتلعت نوران ريقها بخوف من تلك الواقفة أمامها التى نادت سليم بأبى فقالت بهدوء ممزوج بالقلق
بابا مين يا حبيبتى
اندفعت تلك الفتاة وتدعى فرح ووقفت أمام سليم قائلة بتوسل
ساعدنى يا بابا أرجوك ماما دخلت المستشفى من شوية وحالتها خطيرة ومش عارفة ادفع التكاليف وملقتش حد قدامى غيرك

وضع سليم يده على كتفها ونظر لها بحزن قائلا
اهدى يا فرح أنا جاى معاكى وهدفع التكاليف يالا بينا
أمسكته نوران من ملابسه بقوة وأحكمت قبضتها وهتفت بصوت عالى ممزوج بالقهر
مين دى وليه بتقولك بابا وبعدين رايح فين مش هتمشي من هنا الا لما تقولى الحقيقة يا سليم
أمسك يدها وضغط عليها قائلا بهدوء وقد حزن لرؤيته نظرات الشك بعيناها

نوران لو سمحتى خلينى أروح أشوف والدتها الأول وأما أرجع إن شاء الله نتكلم
أزاح سليم يدها الممسكة بملابسه وأميك يد فرح وغادر الى المشفى ولحقه فهد
فتحت نوران فمها لتمنعه من الذهاب قاطعتها منى وخى تمسك يدها قائلة
سبيه يا حبيبتى أنا متأكدة ان فى سوء تفاهم فى الموضوع فياريت تستنى لغاية ما يرجع واسمعى هو هيقول ايه
اقتربت منها هند ووضعت يدها على كتفها قائلة

تعالى اقعدى يا حبيبتى استنيه لغايه ما يرجع
جلست نوران تنتظر سليم حتى يعود ويشرح ما قد حدث ويفسر لها ذلك الأمر
أما الباقين جلسوا بصمت ولم يجرؤ أيا منهم التفوه بشئ

وصل سليم الى المشفى برفقة فهد وفرح وعلم أن حالة والدة فرح الصحية غير مستقره ويجب بقائها بغرفة العناية حتى تستقر حالتها فقام بدفع كافة تكاليف المشفى واصطحب فرح للبقاء معهم بالمنزل حتى تتعافى والدتها
وصل سليم الى المنزل ومعه فرح فنهضت نوران ووقفت أمامه بصمت ولكن عيناها مليئة بالأسئلة وتطالبه بالأجوبة فتنهد وطلب من دانا ودينا اصطحاب فرح الى الداخل حتى ترتاح قليلا ثم أمسك نوران من يدها وجلس على احدى المقاعد وأجلسها بجانبه وضغط على يدها بين راحتيه قائلا بهدوء

فرح تبقى بنت واحد مات وهو بيساعدنى فى قضية جاسوسية وقبل ما يموت وصانى عليهم وأنا اللى كنت قدام فرح علطول علشان كده بتناديلى بابا بس والدتها مكنتش بترضى تاخد أى فلوس واكتفت بمرتبها لانها بتشتغل مدرسة وعندها حتة أرض ناس وخدينها بالإيجار وبتصرف منها على فرح بجانب المرتب هيا دى الحكاية ووالدتها دلوقتى تعبانة فى المستشفى وحالتها مش مستقره وانا مقدرش اسيب البنت تقعد لوحدها فى البيت فجبتها تقعد هنا وبكرة ان شاء الله دينا ودانا يروحوا معاها تجيب هدومها

فى الصباح
كانوا جميعا يتناولون الإفطار وكانت فرح أيضا تجلس معهم تتناول افطارها فى صمت وخجل فوضعت نوران يدها على كتفها وابتسمت لها قائلة بحنان
كلى يا حبيبتى
ابتسمت لها فرح وقالت بامتنان
باكل اهه يا طنط تسلمى
نهضت دينا بعد أن أنهت إفطارها وقالت
عن اذنكم لازم أمشي ورايا كلية

استوقفها صوت أبيها قائلا
خدى فرح فى طريقك يا دينا هيا برده فى تربية بس سنة تالتة
أومأت دينا برأسها قائلة بابتسامة
حاضر يا بابا
فى الجامعة

كانت دينا تجلس مع فارس تتأفف بغيظ من تجاهله لها وعدم رده عليها وتعلل بانشغاله برسالة الدكتوراه
نهضت من مكانها وأخذت الملف أمامه والقته على المقعد قائلة بانتصار
كده أحسن خلى الملف ده هنا علشان تركز معايا شوية
ابتسم لها بغيظ قائلا
نعم يا قدرى المهبب عايزة ايه
لوت شفتيها بغيظ قائلة

قدرك المهبب زمان كنت بتجرى ورايا وتتمنالى الرضا دلوقتى خلاص بقى قريتوا الفاتحه امبارح وبقيت مطنشنى يا دكتور
نهض بتكاسل من مكانه وأخذ حقيبته ثم توجه الى الباب قائلا
المفروض ان عندك محاضرة دلوقتى وانتى عارفة محدش بيدخل المحاضرة ورايا فياريت تستعجلى لانى همر على دكتورة شيرين الاول وبعدين أطلع على المحاضرة

وقفت أمامه بسرعة تسد عليه الطريق وهى تضغط على شفتيها بغيظ من تعامله معها وقالت
عايز تروح لدكتورة شيرين ليه مش خلاص لعبتكم خلصت رايح هناك تانى ليه
أمسك ذقنها بين يديه وقال بابتسامه مصطنعه
بتغيري يا دودو ولا ايه اخيرا بقيتى بتحسي بمشاعر الانثي على فكرة ده كان اختبار لو كنتى اتعاملتى ببرود ولا كإن الموضوع هامك كنت ضربتك حالا لانى اكتر حاجه بكرهها البرود وبخصوص سكوتك امبارح  علشان تلعبى بأعصابى لما سألوكى عن رايك هخلصه منك بطرقتى يا بنت خالى سلام

تركها فارس تغلى من الغيظ واتجه الى مكتب يوسف ليراه
فى منزل سليم
كانت نوران تحاول التحدث معه منذ الصباح ولكنه لا يجيب عليها ويعمل على حاسوبه بصمت كأنها غير متواجدة معه بالغرفة
اقتربت منه نوران وجلست بجانبه قائلة
مالك يا سليم مش بترد عليا ليه انت مش سامعنى ولا متعمد متردش

نظر لها بعتاب ولوم رأتهما فى مقلتيه ثم ترك الحاسوب واتجه الى باب الغرفه ليغادر فنهضت بسرعه وراءه تمنعه قبل أن يغادر المنزل
أمسكته من يده قائله بتوتر
مالك بس مش بترد عليا ليه يا سليم
أتت منى ونظرت اليهما بتوجس قائلة بحذر
مالكم فى ايه

أجابتها نوران بدموع بدأت تلمع بمقلتيها
سليم بنادى عليه من الصبح مش بيرد عليا ولما سألته ماله بصلى نظرات لوم وعتاب وسابنى
وقفت أمامه أمه تسأله بهدوء
مالك يا حبيبي فيك ايه
أجابها بخفوت
مفيش حاجه يا ماما عايز أخرج بس شوية
أزاح يد نوران الممسكة به وترك المنزل

أربتت منى على كتف نوران قائلة بحزن
متخافيش يا بنتى ممكن يكون فى حاجه فى الشغل وهو مضايق مش اكتر لما يرجع ان شاء الله اقعدى معاه وإسأليه ماله
فى المساء
لم يعد سليم الى الآن وهاتف أحمد وأخبره أنه سيعود متأخرا وعندما هاتفته نوران وجدت هاتفه مغلق فعلمت أنه حزين بسببها
فى شقة درية

صرخت درية بأعلى صوتها قائلة
بااااااس كفاية كده وجعتوا دماغى
نظر اليها أحمد بغيظ قائلا
يعنى مش شايفه يا حماتى بتحايل عليها من الصبح ان الفرح بعد شهر وهيا مصممة انه لازم يبقى بعد شهرين
ردت عليه دانا بضيق قائلة

عايز الفرح بعد شهر ازاى كده استعجال اوى شهرين حلو والافضل نستنى كام شهر كده
صعق من كلام تلك المعتوهة وقال
نستنى ايه يا متخلفة انتى انا خاطبك من عشرين سنة
هتفت بغيظ
متقولش متخلفه
كور قبضته بعيظ قائلا
بت متخلنيش اديكى بالبوكس
صرخت دريه مرة أخرى قائلة

باااس كفاية كده غور يا ابن نوران من هنا مش عايزة اشوفك قدامى وانتى يا ابلة خشى اوضنك دماغى وجعنى منكم
غادر أحمد الشقة على الفور وهو يتمتم بغيظ قائلا
عيلة متخلفه اقسم بالله البت مجنونه وامها اجن منها
هتفت دريه بغيظ
سامعاك يا ابن نوران ومتخلنيش احلف ما تتجوزها الا بعد سنتين
عاد سليم فى وقت متأخر من اليل ودلف الى غرفته وجد نوران بانتظاره
أخذ ملابس للنوم ودلف الى الحمام

خرج بعد قليل وجدها تقف فى الغرفه وتفرك يدها بتوتر فذهب الى الفراش وجذب الغطاء عليه لينام وأعطاها ظهره
جلست على الجانب الأخر من الفراش ووضعت يدها على كتفه قائله
بالله عليك تتكلم أنا مش مستحملة سكوتك ده
التفتت اليها وتقابلت اعينهم فى حوار صامت ثن نهض وجلس على الفراش قائلا بهدوء
يعنى مش عارفه فى ايه يا نوران
ردت بخفوت

لا معرفش انت ساكت من الصبح ومش بترد هعرف منين
هتف بضيق
فى ان بعد ستة وعشرين سنة جواز أشوف نظرات الشك فى عيون مراتى
فى انك خلفتى كل توقعاتى الكل سكت ومسالش وانتى بس اللى سألتى الناس اللى مفروض تسأل سكتت وانتى اللى سألتى بتشكى فيا بعد العمر والحب ده كله

نزلت دموعها وقالت بأسف
أنا أسفة والله مكانش قصدى بس تفكيري انشل مجاش فى دماغى غير ان فى واحده بتقول لجوزى يا بابا عايزنى اعمل ايه انا سألتك بس مرتكبتش جريمة يعنى
ضحك ساخرا
سألتى بس ده انتى مسكتى هدومى ومنعتينى أمشى الا لما تعرفى حقيقة اللى بيحصل
أمسكت ذراعه قائلة بندم

سامحنى يا سليم مكانش قصدى بس اتفاجئت باللى بيحصل قدامى انا اسفة
تنهد بضيق قائلا
وأسفك مش مقبول يا نوران تصبحى على خير
جذب الغطاء مرة أخرى ونام على ظهره واضعا يده فوق راسه يخفى عيناه عنها
هتفت بدموع

ياااه مفتكرتش حاجه واحده حلوة عملتها علشانك ونسيت كل حاجه علشان غلطة يا سليم انت بقيت قاسي اوى
جذبت الغطاء هى الأخرى وأعطته ظهرها وبكت بشدة ووصله صوت شهقاتها
زفر بضيق فهو لا يتحمل صوت بكائها واستدار اليها جاذبا اياها بأحضانه دافنا رأسها بصدره محكما قبضته عليها قائلا بندم
خلاص يا نوران أسف انى انفعلت عليكى بس اضايقت لما شفت نظرات الشك بعنيكى سامحينى بقى
ضحكت فى أحضانه قائلة

خلاص عفونا عنك
ضحك هو الأخر قائلا
الستات دى أصدقاء ابليس يعنى المفروض انا اللى زعلان قلبتى الموضوع وبقيتى انتى اللى زعلانه والمفروض انى اصالحك
ضحكت بخفوت قائلة
اذا كان عاجبك
رد بغيظ
نامى يا ام أحمد نامى
فى الصباح

كانوا يتناولون الافطار فدق جرس الباب فنهضت فرح لتفتح الباب وجدت أمرأة كبيرة فى العمر بجوارها امرأة أخرى فى عمر نوران تقريبا فقالت
مين حضراتكم
تشدقت سحر بغيظ قائلة
انتى بنت نوران مش كده
نهضت نوران لتعرف من الطارق فنظرت بذهول وقالت
لاااا سحر وقدرية
يتبع….

https://www.barabic.com/stories/15229

تعليقات (1)

إغلاق